جلست مع صديقاي نتسامر ونحكي عن بلادنا فتحدث كل منهما عن قريته التي نشأ بها وأبى قلمي إلا أن يحكي عني
مطرطارس التي عشقت
كانت اللحظات الأخيرة , خرجت منها والدمع يسيل على خدي كان والله حزني على فراقها لا يقل عن حزني على فراق أهلي وأحبتي , خرجت منها وأنا أتذكر الرسول صلى الله علية وسلم وقولته الشهيرة عند خروجة من مكه فقلت لها والله إنك لأحب البلاد إلى قبلي مع أن قومك لم يخرجوني ولكن أحبوني وقدروني وأكرموني كثيرا .
أكتب هذه الكلمات والشوق يحدوني إليها ويعلم الله مدى حبي وعشقي وإشتياقي إليها صباح مساء , ولا يعرف قيمة الوطن إلا من خرج منه وقد ساوى الله بين قتل الإنسان نفسة وبين خروجة من وطنه فقال تعالى "ولو أنا كتبنا عليهم أن إقتلوا أنفسكم أو إخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم " .
كيف لا وهي مسقط رأسي بها نشأت وترعرعت بها لعبت وقضيت أجمل أيام طفولتي , بها تعلمت , أحببت أهلها وأحبوني , يقطن بها أناس أعشقهم , وأصدقاء أحبهم واقارب أصلهم , وأب وأم أبرهم وجيران أقدرهم .
مطرطارس بلد لا كالبلدان وقرية تختلف في كل شئ عن مثيلاتها , لا ترى فيها إلا قرية يتدفق الخير بين جنباتها , فقرائها سعداء وأغنيائها لا يكفون عن العطاء ,الجيران فيها أحباء , الشيوخ فيها حكماء , شبابها طاقات متدفقة وأطفالها زهور متفتحة .
حفظة القرآن فيها مصابيح تنير ظلامها , وعلمائها ومشايخها جبال ترسي أركانها , مساجدها أماكن تلاقي القلوب الحميمة , مدارسها منارات مضيئة تركت بصمة عند جيرانها من القرى المجاورة أنها بلد العلم والتعليم .
جمعيتها الشرعية ومستوصفها هرمان شامخان من العطاء يقفان شاهدان على جود أهلها وعطاء سكانها لو تأخر الخير في أحد نواحيها جاءها مهرولا من الناحية الأخرى . لا يكف الفقراء فيها عند الدعاء للأغنياء ولا تغادر البسمة وجوه المساكين ولم يشتكي أبداً فيها المحتاجين .
لقد رأيت هنا خير كثيرا ولكن الخير في قرتي يختلف فالخير هنا مصبوغ بصبغة رسمية من قبل الدولة أما في قريتي الحبيبة فيأتيها الخير من داخل أهاليها الذين حملوا على عاتقهم أن لا يبيتوا ليلة إلا وقد ارتسمت الفرحة على وجوة الأيتام وبات كل جوعان شبعان وباتت الأرامل آمنه وأم العيال راضية .
جمالها لا يوصف , تخرج الى أطرفها صيفا تجد قمحها ذو اللون الذهبي قد أحاط بها كما تحاط الأساور الذهبية باليدين , وإذا خرجت إلى أطرفها شتاء تراها كالحديقة الغناء قد أحاطت بها الخضرة من شجر ونخل وزرع من جميع جهاتها .
ترعتها الصغيرة في أول مدخلها تعنى لنا الكثير فهي للصغار مكان رائع للإستمتاع فتراهم وقد أعدوا العدة وعقدو العزم على الذهاب إليها للإستحمام بها بعد أن خططوا لهذة الرحلة البسيطة في الخفاء دون علم الآباء . وهي تعني للكبار الخير الوفير الذي يأتى إليهم ليسقى زرعهم ويروي عطش أرضهم ويدر عليهم الخير الوفير والنعم العظيمة .
لم يغادر ذهني ذلك الماراثون الذي يحدث عصر كل يوم فما أن يؤذن للعصر إلا وتنتفض البلدة عن بكرة أبيها فلا ترى إلى أمواج من حفظة القرآن يحدوهم السير إلى المساجد أو مشروع تحفيظ القرآن . الأمهات قد أستعدت لتجهيزهم والأبناء قد شدوا الرحال , أتخيلهم كالفرسان خرجوا للدفاع عن البلدة مصاحفهم في أيديهم سيوف يحمون بها أنفسهم وقريتهم , فلا ترى إلا مجموعة ترتل وتراجع , ومجموعة أخرى قد مكثت عند أحد المنازل ينتظرون رفيقهم حتى يأخذوة معهم , وهذا الطفل الصغير يبكي لامه كي تحضر له مصحفا مثل أخية الكبير , وهذة الأم توصى ابن جارتها أن يأخذ بالة من ابنتها الصغيرة ... والخ
سوقها يوم الخميس ليس إلا ساحة للتواصل بين أهلها قترى فيه أصحابك وتلتقي فيه بأحبابك لا يقع نظرك إلا على اثنين قد وقفا يسلمان على بعض وآخرين قد وقفا يتسامران , ترى فيه أناس لم ترهم من زمن , وتتعرف فيه على أفراد ربما لم تعرفهم من قبل , فهو أقرب لمنتدى تستطيع فيه زيارة جميع أفراد القرية . ناهيك عن متعة الصغار وشوقهم وقد أمسكوا بزيول أمهاتهم يجرون أعواد القصب من خلفهم ويلبسون عقد الحلوى في أعناقهم .
شوارعها الضيقة وطرقاتها وأزقتها الصغيرة تنم عن كثير من الذكريات فلا تمر من إحداها الا وتتذكر موقفا ما ربما يكون مضحك وربما يكون مؤثر , ولا يوجد شارع الا ولك فيه صديق أو حبيب .
شارعها الرئيسي يفصل المنازل بين شرقها وغربها ولكنه لم يستطيع أن يفصل بين قلوب سكانها , تسير فيه إما راكبا أو ماشيا تشعر وكأنك تسلم على جميع أهلها , أو كأنك زعيم جاء لزيارتها وقد إستقبلك أهلها مرحبين بك قد إصطفوا عن اليمين والشمال لمحياك . دربها الوسطاني كما نسميه يعني أصالتها وتاريخها تمشى فيه تشم رائحة الأصالة والعراقة وعبق الماضي تحس فيه بروح الأجداد والقدامى .
طريقها الشرقي يوصلك الى عالم من الخير والطيبة كما أنه طريق الى زيارة أحبابنا وأجدادنا ممن توفاهم الله . طريقها الغربي طريق إلى البساطة والصفاء والقلوب النقية حيث الفلاحون حيث الهمة وروح العمل , أما الطريق إلى طرفيها البحري والقبلي طريق الى السكون والهدوء والإستجمام .
الصباح فيها مختلفاً يبدأه الناس بصلاة الفجر تسمع أصوات مكينات تحضبر الطعمية تنبعث من جوانبها وهي ربما تسبب إزعاج للآخرين ولكنها تمثل لأصحابها نشيد الصباح الذي يسمعونه حتى يكون حافزا لهم على العمل , وهي بالنسبة لي شاهدا على وفاء أصحابها من النساء والرجال الذين أخذوا على عاتقهم تحضير الإفطار لكل أفراد القرية وسعيهم منذ الصباح الباكر على رزقهم ولقمة عيشهم .
لم أنسى منظر الفلاحين وهم يعدون العدة للذهاب الى حقولهم والنساء في وداعهم بعد أن جهزتهم و أحضرن لهم صرر الطعام , ثم أتذكرهم وقد عادوا في المساء راكبين دوابهم في منظر لا يقل عن منظر القوافل العائدة وهي تحمل الخير الوفير لابناء قريتهم أو منظر الفرسان العائدين بالغنائم بعد أن خاضوا حرب ضروس مع حقولهم كانت أسلحتهم فيها فئوسهم وغنائهم فيها تلك الثمار وهذا الزرع .
ختاماً ..إليكم يا أبناء قريتي ليكن الحب شعارنا والأخوة الصادقة طريقنا والتعاون على البر والتقوى حبل الوصال بيننا حتى ننعم بالعيش الآمن والحب الصادق ومهما كتب عنك يا قريتي لن أوفيك .
الأبن البار
محمد حسني
الأربعاء أغسطس 08, 2012 9:13 am من طرف admin
» الشيخ فوزي في مؤتمر جماهيري لحزب الحرية والعدالة
الثلاثاء نوفمبر 08, 2011 4:00 pm من طرف admin
» مدرسة التعليم الاساسي بمطرطارس (صورة لها) :: معلومات عنها
الأربعاء أكتوبر 12, 2011 8:16 pm من طرف mohamed_ashraf
» حفل ختام القران الكريم بمطرطارس 2011/ 2012 _ "zalat44"
الخميس أغسطس 25, 2011 6:28 pm من طرف الحب فى الله
» غزوة تبوك . تفاصيل الغزوة
الأربعاء أغسطس 03, 2011 1:24 pm من طرف admin
» معسكر الاخوان المسلمون بمطرطارس قسم طلاب الثانوية 2011
الأربعاء يوليو 27, 2011 7:14 pm من طرف mahmoud
» تنسيق الثانوية العامة 2011 في الفيوم
الخميس يوليو 21, 2011 7:43 am من طرف admin
» حد الرجم ..حديث نبوي
الخميس يوليو 21, 2011 7:25 am من طرف admin
» قصة ريا وسكينة الحقيقية
الأحد يوليو 10, 2011 5:56 pm من طرف zalat
» نتيجة الثانوية العامة بالفيوم2011
الأحد يوليو 10, 2011 5:52 pm من طرف zalat